لقد كشفت كثير من الدراسات العلمية بأن الزنجبيل يحسن وبشكل رائع من توسيع الأوعية الدموية في المحيط خصوصا الشعيرات والشرينات , وخصوصا الشرينات التي تلعب الدور الأكبر في المقاومة الوعائية المحيطية , حيث إن وجود هذه المقاومة في هذه الأوعية الصغيرة , يقاوم مرور الدم في الأوعية الدموية ومن ثم فهو يرفع من الضغط الدموي الشرياني , ولذلك من المدهش أن الزنجبيل أيضا يحسن من الضغط الدموي الشرياني بشكل كبير لمن هم مصابون بارتفاع غير طبيعي في الضغط , وذلك بما يحدثه من توسع في الشرينات الصغيرة ومن إنقاص للمقاومة الوعائية المحيطية , ولذلك فإني أصف الزنجبيل في برامجنا الغذائية الموجهة لعلاج الضغط الدموي الشرياني مع مواد أخرى عظيمة منها عشبة القمح وزيت الزيتون والخل والثوم وبرنامجا كاملا , فيكون الشفاء بإذن الله سبحانه وتعالى , وبالأسباب التي استودعها في هذه الأطعمة والأشربة المركزية الرائعة , غير أنني لاحظت وبشكل استثنائي حدوث العكس عند عدد قليل جدا من الناس لا يتجاوز 1 % من الذين يستخدمون الزنجبيل , وهو أن الزنجبيل عند البعض قد يرفع الضغط , ولكن بشكل ضئيل جدا وليس بشكل كبير , ومن ثم نقول لكل من استخدم الزنجبيل ولاحظ ارتفاع الضغط عنده بعد استخدام الزنجبيل ألا يستخدمه مرة أخرى , لأن القاعدة تقول درء المفاسد مقدم على جلب المنافع , ومن ثم منع رفع الضغط بتناول الزنجبيل مقدم على الفوائد العظيمة التي يسديها الزنجبيل للجسم كله .
ومن الجدير بالذكر أنني وجدت أن هناك كثيرا من الناس يصابون ببرودة في أطرافهم خصوصا عند تعرضهم للبرد , وهذا طبيعي , فالأشياء تتقلص بالبرودة , وبالتالي فإن الشرينات الصغيرة هذه تتقلص بالبرودة , مما يؤدي إلى نقص تدفق الدم إلى الشعيرات التي تأتي بعدها , وهذا بدوره يؤدي إلى نقص كمية الكريات الحمراء التي تحمل الأكسجين إلى الأطراف , وزيادة ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج من عمل الخلايا الموجود في هذه الأطراف بسبب عدم تصريفه , ونقص الأكسجين هذا يؤدي إلى أن تتنفس الخلايا تنفسا لا هوائيا , مما يؤدي إلى نقص إنتاج الطاقة في الأطراف من 38 جزيئا من جزيئات الطاقة بوجود الأكسجين 38ATP إلى جزيئين فقط من جزيئات الطاقة بدون وجود الأكسجين 2ATP , وقد تحدثنا سابقا وفي كتاب الزيتون أن أكثر من 60 % من الطاقة المتولدة في الجسم تظهر على شكل حرارة , وإن النقص الشديد في توليد الطاقة في عملية التنفس اللاهوائي يؤدي في الحقيقة إلى نقص توليد الحرارة في الأطراف ومن ثم إلى برودتها .
وفي الحقيقة أن الخصائص المميزة للزنجبيل , وما اختصه الله به بأنه شراب لأهل الجنة , وبأنه يوسع الشرينات قبل الشعيرات , وبأنه خافض للضغط , وبأنه يحسن من تروية الأطراف , وبأنه يحسن من كمية الأكسجين الواصلة إلى الطرف , وكما أنه يحسن من كمية الهيموغلوبين الواصل للمحيط , وأنه يخلص الطرف من ثاني أكسيد الكربون المتراكم , كل هذه الخصائص العظيمة المميزة جعلتني أستخدمه بشكل رائع عند من يعانون من برودة دائمة في الأطراف ,
الصورة (1) ظاهرة رينو حيث تصاب الأطراف باصفرار وبرودة ناجمة عن البرد الشديد أو الانفعال , ويعالج مثل هذه الحالة الزنجبيل شربا ونقعا للأصابع في منقوعه ومغليه .
وعند مرضى قصور الغدة الدرقية أيضا لأنهم يعانون من برودة في الأطراف , وعند مرضى السكري وتصلب الشرايين الذين يعانون من اعتلال في الشرايين , لدرجة لا يصل فيها الدم إلى المحيط بشكل جيد , ومرضى تصلب الشرايين المحيطية , ومرضى داء برغر الذي يصيب المدخنين ( يحدث عند بعض المدخنين في سن ال 40 تشنج في الشرايين المحيطية , مما يؤدي إلى نقص تروية الطرف بشكل خطير قد يؤدي إلى تموت الطرف ) وكذلك مرضى داء رينو , الذي فشل الطب الحديث حقيقة في إيجاد حل نهائي وجذري لمشكلتهم , بالرغم من استخدام أنواع مختلفة من الأدوية , ومنها حاصرات قنوات الكالسيوم , وهي نوع من الادوية تؤدي إلى ارتخاء الألياف العضلية الملساء الموجودة في جدار الشريينات مما يؤدي إلى توسعها وارتخائها . وقد اعتمدت في استخدامي للزنجبيل على ما هو أعظم من دراسات العالم وأبحاثه كلها مجتمعة , ألا إن ذلك قول الله تعالى في الزنجبيل بعد أن جعله شراب أهل الجنة , وقد علمت أن الله ما جعله شرابا لأهل الجنة إلا لمركزيته العظيمة , وإلا بما اختصه الله سبحانه وتعالى من خواص رأينا بعضها " , وقد استوقفتني في الحقيقة هذه الظاهرة العجيبة التي اختصها الله سبحانه وتعالى لأهل الجنة وكيف أنه من صور إكرامهم أنهم حتى لا يصابون ببرودة شديدة وألم عنيف مبرح واصفرار وازرقاق مقلق مخيف في الأصابع أبدا أبدا , فقد هيأ الله سبحانه وتعالى لهم من الأسباب ما يجنبهم من ذلك , فقد منع الله سبحانه وتعالى عنهم البرد الشديد من أن يأتيهم أو حتى يرونه رؤية " مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ( 13) الإنسان , وقد جاء في تفسير هذه الآية
"لا يرون فيها شمسا" أي لا يرون في الجنة شدة حر كحر الشمس "ولا زمهريرا" أي ولا بردا مفرطا؛ وقد قال الأعشى في ذلك :
منعمة طفلة كالمهاة لم تر شمسا ولا زمهريرا
وعن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشتكت النار إلى ربها عز وجل قالت: يا رب أكل بعضي بعضا، فجعل لها نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف، فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها، وشدة ما تجدون من الحر في الصيف من سمومها). وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن هواء الجنة سجسج: لا حر ولا برد) والسجسج: الظل الممتد كما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس. وقال مرة الهمداني: الزمهرير البرد القاطع. وقال مقاتل بن حيان: هو شيء مثل رؤوس الإبر ينزل من السماء في غاية البرد. وقال ابن مسعود: هو لون من العذاب ، وهو البرد الشديد، حتى إن أهل النار إذا ألقوا فيه سألوا الله أن يعذبهم بالنار ألف سنة أهون عليهم من عذاب الزمهرير يوما واحدا.
أما الصورة الثانية التي منع الله سبحانه وتعالى أهل الجنة من عذاب برودة الأطراف المؤلم , واصفرارها وازرقاقها أو حتى اسودادها , أو ألمها المبرح , ما جعل لهم من شراب الزنجبيل ذي الخصائص العظيمة المانعة لذلك , والجدير بالذكر أن الآية الوحيدة في القرآن التي تتحدث عن عذاب البرد في جهنم , الزمهرير , المؤلم , شديد الألم , مذكورة مع نفس الآيات التي تتحدث عن الزنجبيل , والذي ذكر مرة وحيدة في القرآن أيضا فتأملوا مع ذلك " مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ( 13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا(17) الإنسان
والجدير بالذكر أيضا أنه كون الزنجبيل يوسع الشرينات قبل الشعيرات الدموية ويوسع الشعيرات الدموية نفسها , فإنه يزيد من تدفق الدم الغني بالهيموغلوبين ذي الصبغة الحمراء , ومما يفسر لماذا تصبح المنطقة التي يطبق عليها الزنجبيل موضعيا حمراء رائعة الجمال غزيرة التروية , توحي بالصحة والحيوية والجمال , سواء أكان ذلك عند تطبيقه على الصدر في هجمات الربو , أو عند تطبيقه على المفاصل في آلام المفاصل , أو عند تطبيقه على الظهر في آلام الظهر أو عند تطبيقه على الجبهة في التهاب الجيوب , وليس تأثير الزنجبيل موضعيا على الجسم من الخارج فقط , إنما تناوله بشكل جهازي وعن طريق شربه يؤدي إلى توسع محيطي في الأوعية الدموية في الأطراف وفي الوجه أيضا وحتى في الأعضاء التناسلية , مما يؤدي إلى قوة جنسية عندما يتدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية , وقوة في الانتعاظ عند الذكر , وقوة في الرغبة الجنسية عند الأنثى , مما يفسر حقيقة لماذا يستخدم الزنجبيل كمقوٍ جنسي , وإني في الحقيقة أستخدمه بنجاح فائق مع كثير من المواد الأخرى القرآنية ومنها العسل وغذاء ملكات النحل وبذور العنب وغيرها في برنامج رائع يعالج من أنهك الزمان قوته الجنسية , كما أن توسع الأوعية الدموية في الأطراف يؤدي إلى احمرارها ودفئها ونعومتها حيث يغذي الدم الطبقات الجلدية ويجددها بانتظام مما يضفي عليها جمالا ونضارة وتجددا فائقا .
كما أن تدفق الدم عند توسع الشرينات والأوعية الدموية والشعيرات الدموية في الوجه , يؤدي إلى خدود حمراء جميلة مثل التفاح الأحمر , ولعل هذا من الجمال الذي يضفيه الله سبحانه وتعالى على أهل الجنة بأن تكون خدودهم وردية جميلة بخلق الله لهم سبحانه وتعالى على هذه الصورة الجميلة , وبما جعل لهم من أشربة عظيمة في الجنة مثل الزنجبيل وقد قال سبحانه وتعالى في ذلك الجمال والنعومة " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ( 23) القيامة , وقال أيضا سبحانه " تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ " ( 24) المطففين , وقوله تعالى أيضا في ذلك " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ " (
الغاشية , وفي الحقيقة أن مقالنا في العدد القادم سيتحدث عن الأبحاث العلمية التي أجريت على الزنجبيل ودوره العظيم في تجديد الجلد وترميمه وجماله ورونقه بشكل مفصل وعلاقة ذلك مع نعيم أهل الجنة بإذن الله .
مأخوذ بتصرف من كتاب الزنجبيل شراب ودواء ووقاية وشفاء للدكتور جميل القدسي الدويك