شكلت منصة التكوين عن بعد collab تجربة رائدة بالمغرب مكنت من إدماج تقنيات الإعلام والاتصال في التعليم في شقه المرتبط بتكوين المدرس. وعلى غرار المشاريع الكبيرة؛ فقد بدأت صغيرة وكانت مجرد فكرة تراود رجلين لا يعرفان معنى للمستحيل هما عبداللطيف فركوك وعزيز الهاجر المشكلان لثنائي في مجال قل أن يعرف عملا تشاركيا من هذا الحجم. ثنائي عرف باسم les ferazi
في هذا الحوار يحدثنا عبداللطيف فركوك عن بدايات منصة التكوين عن بعد. وما واجهته من إكراهات إضافة إلى الظروف التي يمكن أن تكون القفز على تلك الإكراهات و عبداللطيف فركوك مسؤول للتجديد التربوي والتجريب، عن الجانب التقني التربوي لعملية التكوين والتعليم عن بعد، قسم التعليم عن بعد.
ماذا عن منصة التكوين عن بعد ؟ في البداية أود أن أقدم فكرة عن بدايات منصة التكوين عن بعد collab. التي يشير معناها إلى التشارك والتعاون، وفي ذلك إشارة إلى مفهوم التعلم التشاركي الفكرة بدأت سنة 2005 إلا أن التكوين الفعلي لم ينطلق إلا في 2006، وهي عبارة عن مركز افتراضي للتكوين عن بعد، موجهة إلى المجتمع التربوي المغربي بجميع فئاته, من أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي. وكذا أطر الإدارة من مديرين وحراس عامين.المشروع جاء جوابا على سؤال محوري قديم جديد: كيف سنشتغل عن بعد؟ قديم اعتبارا لكون التكوين عن بعد عرف في الماضي مبادرات محتشمة اعتمدت وسائل تقليدية مثل la formation à distance ) FAD ) وهي محفظة تربوية تتضمن وثائق تربوية وتمارين تسلم للمستفيد، طبعا ليس هذا هو التعليم عن بعد في زمن شاعت فيه وسائل الإعلام والاتصال بشكل كبير. سنة 2006 كانت سنة تجريبية حيث انطلقنا بعدد محدود لا يتجاوز 20 مستفيدا. تم انتقاؤهم تبعا لمواصفات خاصة. ليشكلوا المرحلة التجريبية الأولى، استفادوا من تكوين لمدة سنة،تكوين لم يتم التركيز فيه فقط على المصوغات المعدة للتكوين؛ بل تم جعلهم يقتربون من الثقافة التشاركية وثقافة التكوين عن بعد، قدم هؤلاء المستفيدون في نهاية تكوينهم مشاريع نهاية التكوين، ليتلقوا عقب ذلك تكوينات في التعليم عن بعد وفلسفته ومدارسه ليصبحوا في نهاية المطاف وسطاء التكوين ومكونين عن بعد.
ما الحاجة إلى منصة التكوين عن بعد ؟
يمكن أن أؤكد أن المشروع وصل إلى مرحلة النضج. نفس الشيء بالنسبة لمفهوم التعليم عن بعد. وفي ظل الإكراهات الحالية والحديث عن المخطط الاستعجالي . وكذا في ظل المشاريع التي تحيط بالعملية التعليمية، وهي مشاريع تتطلب حاجة إلى تكوينات يصعب الاستجابة إليها في ظل ارتفاع عدد موظفي القطاع الذي يتجاوز 300 ألف . رقم يصعب في ظله الحديث عن تكوين حضوري فعال . في ظل هذه الظروف أصبح التكوين بعد لا مفر منه. هذا الوضع حتم علينا اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تضمن تعميم هذا النوع من التكوين وتعميمه، منها الحوار مع شركائنا كمشروع ألف وكذا مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية من أجل إعداد استراتيجية وطنية للتكوين عن بعد تجمع. جميع الفرقاء الفاعلين في التكوين كالوحدة المركزية للتكوين المستمر ومديرية المناهج والمفتشية العامة، وكل الفعاليات المعنية بتكوين أطر وزارة التربية الوطنية.
ما هي الإكراهات التي صادفت منصة التكوين عن بعد في مسيرتها ؟
شخصيا أرى أن منصة التكوين لا تعرف مشكلا تقنيا. مع توطين المنصة من طرف شريكنا الأساسي mtds . بل المشكل الأساسي يكمن في تنمية المضامين الرقمية الخاصة بالتكوين عن بعد. فالدروس التي ينبغي أن توضع في المركز الافتراضي للتكوين عن بعدن ينبغي أن تتوفر فيها مواصفات معينة، وهندسة تربوية بيداغوجية وهندسة التكوين عن بعد وهندسة الدروس.الدرس مثلا ينبغي أن يكون تفاعليا، تتوفر فيه هندسة التكوين عن بعد. هناك معايير دولية يجب أن نخضع لها. والوزارة شرعت الآن في تكوين نواة لبنك الموارد الرقمية. مع الإشارة أننا لم نختر الحل الأسهل المتمثل في استقدام خبراء أجانب ونكلفهم بإعداد الدروس من أجل وضعها في منصة التكوين. فالموارد الرقمية التي نريد هي تلك الموارد التي يكون فيها المدرس باعتباره مهندسا في قسمه، على بينة من الإكراهات التربوية و البيداغوجية . ويصطدم بالمعيقات والمشاكل التربوية. والأهم من ذلك أن على دراية بحاجيات التلميذ.هذا المدرس هو الذي نريد أن تكون مساهمته نوعية في تنمية المضامين المرقمية. في الإكراهات إذن نتحدث عن الإكراه التربوي،الإكراه التقني والإكراه المؤسساتي.
بالنسبة للإكراه التربوي نريد أن نتوفر على دروس تتوفر على المعايير الدولية وتستجيب لتوجهات وزارة التربية الوطنية. فبيداغوجية الإدماج لا ينبغي أن تغيب عن هذه الدروس، التعليم عن بعد ينبغي أن يسلك نهج التعاون التشاركي أو بناء المعرفة في الجماعة أي ما يسمى بـ السوسيو-بنائية . فالطرق الإلقائية لا مكان لها في التعليم أو التكوين عن بعد، فهي غير قادرة على شد انتباه المستفيد. وهذا مرتبط بمشكل عام يعرفه التعليم عن بعد على المستوى الدولي وهو الهدر, فعادة عدد المستفيدين يقل بانسحاب عدد المستفيدين لاعتباررات عدة.
كما منصة التكوين تبقى لحد الآن تعطي الأولوية للرغبة الشخصية في الاستفادة إذ ليست هناك محفزات. وهي محفزات غائبة سواء بالنسبة للمكونين وحتى بالنسبة للمستفيدين. الآن في ظل الاستراتيجية الوطنية للتكوين عن بعد التي نعد لها، يمكن أن نتحدث عن حلول مرتبطة بالتعويضات لوسطاء التكوين. وأخرى مرتبطة بالاعتراف بالتكوينات التي يتلقاها المستفيد بتسليمه شهادة نهاية التكوين يمكن أن تفيده في إطار التوجهات الجديدة للوزارة خاصة في التباري على بعض المناصب بحيث تساعده تلك الشهادات في تكوين سيرة ذاتية (CV).
إكراه آخر مرتبط بالموارد البشرية فالتكوين عن بعد يتطلب ثقافة وتقنيات معينة، يتطلب كفايات تقنية تربوية علاقاتية تواصلية وهذه أمور ليس من السهولة توفرها فيمن سيتكلف بمتابعة أنشطة المستفيدين وتقييم أداءاتهم والتواصل معهم. إلا أننا نراهن الآن على الجهوية, أي أن كل جهة يمكنها أن توفر منصتها الخاصة بالتكوين عن بعد. ونحن بإمكاننا أن نوفر تكوينا تقنيا لمن سيتكلفون بالمتابعة التقنية والذين سيتكلفون بالمضامين الرقمية وكذا وسطاء التكوين.
ما القيمة المضافة لمنصة التكوين عن بعد للمنظومة التربوية في ظل الحديث عن المخطط الاستعجالي؟ الخطة الاستعجالية أولت عناية خاصة للتكوين المستمر. هذا التكوين في شكله الحضوري يطرح العديد من الإشكالات مرتبطة أساسا بالعدد الكثير لرجال التعليم الذي يفوق 300 ألف. كما يطرح إشكالات مرتبطة بالتتبع تجعل منه تكوينا مستمرا حقيقيا بعيدا عن الشكل المعتمد على تنظيم دورات تدون أياما معدودة ثم ينتهي الأمر هنا. التكوين عن بعد يواكب التكوينات المستمرة الحضورية ويوفر لها التتبع. وإذا كنا تحدثنا عن الإكراهات نتحدث كذلك حتى عن نقط القوة. فالمغرب يتوفر على بيئة ملائمة لاستنبات التكوين عن بعد، فالصبيب أصبح جيدا. دون أن ننسى برنامج نافذة الذي ساعد في توفير الحواسيب لرجال التعليم وربطهم بالشبكة العنكبوتية بثمن رمزي . إضافة إلى شيوع ثقافة معلوماتية. كل هذه عوامل يمكن أن تعمل أن إنجاح التكوين عن بعد القيمة المضافة كذلك للتكوين عن بعد في ظل الحديث عن مصوغات تكوينية المتسمة بالضخامة نتحدث عن مشاكل تحريك رجال التعليم كما تطرح مشاكل تربوية مرتبطة بالغيابات التي تصبح ضرورية . التكوين عن بعد قد يقدم حلولا لكل هذه المشاكل إذ يصبح بإمكان الأستاذ الارتباط في الوقت الذي يراه مناسبا ويلج المنصة ويحصل على المصوغات بالموتيرة التي تناسبه فهناك مرونة في التكوين الذي يصاحب عادة المشاريع الكبيرة مثل التكوينات المرتبطة بمشروع المؤسسة التي تستنفر المديرين في كل تراب المغرب. ونحن الآن نشتغل من أجل إنجاز ست وحدات في إطار تكوينات موجهة للمديرين في مجال مشروع المؤسسة. إضافة إلى مقاربة الإدماج التي تستهدف جميع المدرسين من أجل الاشتغال عليها. ونحن الآن بتنسيق مع خبراء الوطنيين والدوليين من أجل إعداد مصوغة في هذا الإطار.
أجرى الحوار: عبدالعالي عبدربي
|